فصل: سنة خمس وتسعين ومئتين:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: العبر في خبر من غبر (نسخة منقحة)



.سنة خمس وتسعين ومئتين:

فيها توفي إبراهيم بن أبي طالب النيسابوري الحافظ، أحد أركان الحديث، روى عن إسحاق بن راهويه وطبقته.
قال عبد الله بن سعد النيسابوري: ما رأيت مثل إبراهيم بن أبي طالب، ولا رأى هو مثل نفسه. وقال أبو عبد الله بن الأخرم: إنما أخرجت نيسابور ثلاثة: محمد بن يحيى، ومسلم بن الحجاج، وإبراهيم بن أبي طالب.
وفيها إبراهيم بن معقل، أبو إسحاق قاضي نسف وعالمها ومحدثها، وصاحب التفسير والمسند. وكان بصيراً بالحديث، عارفا بالفقه والاختلاف، روى الصحيح بن البخاري. وروى عن قتيبة، وهشام بن عمار وطبقتهما.
وفيها المعمري الحافظ أبو علي الحسن بن علي بن شبيب. ببغداد.في المحرم، روى عن علي بن المديني، وجبارة بن المغلس وطبقتهما. وعاش اثنتين وثمانين سنة، وله أفراد وغرايب، مغمورة في سعة علمه.
وفيها الحكم معبد الخزاعي الفقيه، مصنف كتاب السنة، بأصبهان، روى عن محمد بن حميد الرازي، ومحمد بن المثنى وطبقتهما، وكان من كبار الحنفية وثقاتهم.
وفيها أبو شعيب الحراني عبد الله الحسن بن أحمد بن أبي شعيب الأموي الؤدب نزيل بغداد في ذي الحجة. روى عن يحيى البابلتي وعفان وعاش تسعين سنة وكان ثقة.
وفيها أمير خراسان وما وراء النهر إسماعيل بن أحمد بن أسد بن سامان في صفر ببخارى وكان ذا علم وعدل وشجاعة ورأي. وكان يعرف بالأمير الماضي أبي إبراهيم، جمع بعض الفضلاء شمائلة وسيرته في كتاب. وكان ذا اعتناء زائد بالعلم والحديث.
وفيها أبو علي عبد الله بن محمد بن علي البلخي الحافظ. أحد أركان الحديث ببلخ سمع قتيبة وطبقته وصنف التاريخ والعلل.
وفيها المكتفي بالله أبو الحسن علي بن المعتضد أحمد بن أبي أحمد المتوكل بن المعتصم العباسي، وله إحدى وثلاثون سنة. وكان جميلاً وسيماً. بديع الجمال معتدل القامة، دري اللون أسود الشعر. استحلف بعد أبيه. وكانت دولته ست سنين ونصف. وتوفي في ذي القعدة، وولي بعده أخوه المقتدر. وله ثلاث عشرة سنة وأربعون يوماً. فلم يل أمر الأمة صبي قبله.
وفيها عيسى بن مسكين قاضي القيروان وفقيه المغرب. أخذ عن سحنون. والحارث بن مسكين بمصر. وكان إماماً ورعاً خاشعاً متمكناً من الفقه والآثار، مستجاب الدعوة. يشبه بسحنون في سمته وهيبته. أكرهه ابن الأغلب الأمير على القضاء، فولي ولم يأخذ رزقاً، وكان يركب حماراً ويستقي الماء لبيته.
وفيها محمد بن أحمد بن جعفر، الإمام أبو جعفر الترمذي الفقيه كبير الشافعية الشافعي بالعراق قبل ابن سريج، في المحرم، وله أربع وتسعون سنة، وكان قد اختلط في أواخر أيامه، وكان زاهداً ناسكاً قانعاً باليسر متعففاً.
قال الدراقطني: لم يكن للشافعية بالعراق أرأس ولا أروع منه. وكان صبوراً على الفقر.
قلت: روى عن يحيى بن بكير وجماعة، وكان ثقة.
وفيها الحافظ أبو بكر محمد بن إسماعيل الإسماعيل، أحد المحدثين الكبار بنيسابور، له تصانيف مجودة، ورحلة واسعة، سمع إسحاق بن راهويه، وهشام بن عمار.

.سنة ست وتسعين ومئتين:

دخلت والملأ يستصبون المقتدر، ويتكلمون في خلافته، فاتفق طائفة على خلعه، وخاطبوا عبد الله بن المعتز، فأجاب بشرط أن لا يكون في حرب وكان رأسهم محمد بن داود بن الجراح، وأحمد بن يعقوب القاضي، والحسين بن حمدان. واتفقوا على قتل المقتدر، ووزيره العباس بن الحسن، وفاتك الأمير. فلما كان في عاشر ربيع الأول، ركب الحسين بن حمدان، والوزير والأمراء، فشد ابن حمدان على الوزير فقتله، فأنكر فاتك قتله، فعطف على فاتك، فألحقه بالوزير، ثم ساق ليثلث بالمقتدر، وهو يلعب بالصوالجة، فسمع الهيعة، فدخل وأغلقت الأبواب ثم نزل ابن حمدان بدار سليمان بن وهب واستدعى ابن المعتز، وأحضر الأمراء والقضاة، سوى خواص المقتدر. فبايعوه ولقبوه الغالب بالله فاستوزر ابن الجراح واستخلفه على الجيش وصدرت الكتب إلى البلاد، وأرسلوا إلى المقتدر ليتحول من دار الخلافة، فأجاب ولم يكن بقي معه غير مؤنس الخادم، ومؤنس الخازن، وخاله الأمير غريب، فتحصنوا وأصبح الحسين بن حمدان على محاصرتهم. فرموه بالنشاب، وتنادو ونزلوا على حمية، وقصدوا ابن المعتز، فانهزم كل من حوله، وركب ابن المعتز فرساً ومعه وزيره وحاجبه، وقد شهر سيفه، وهو ينادي معاشر العامة: ادعوا لخليفتكم. وقصد سامراً ليثبت بها أمره فلم يتبعه كبير أحد. فخذل ونزل عن فرسه، فدخل دار ابن الجصاص، واختفى وزيره. ووقع النهب والقتل في بغداد، وقتل جماعة من الكبار، واستقام الأمر للمقتدر، ثم أخذ ابن المعتز وقتل سراً، وصودر ابن الجصاص، وقدم بأعباء الخلافة الوزير ابن الفرات. ونشر العدل، واشتغل المقتدر باللعب.
وأما الحسين بن حمدان فأصلح أمره، وبعث إلى ولاية قم وقاشان.
وفيها وصل إلى مصر، أمير أفريقية، زيادة الله بن الأغلب، هارباً من المهتدي عبيد الله، وداعيه أبي عبد الله الشيعي، فوجه إلى العراق.
وفيها مات المحدث أبو جعفر أحمد بن حماد بن مسلم.، أخو عيسى زغبة التجيبي، بمصر في جمادى الأولى، روى عن سعيد بن أبي مريم وسعيد بن عفير وطائفة وعمره أربعاً وتسعين سنة.
وفيها أحمد بن نجدة الهروي المحدث روى عن سعيد بن منصور وطائفة.
وفيها أحمد بن يحيى الحلواني أبو جعفر، الرجل الصالح، ببغداد، سمع أحمد بن يونس وسعدويه، وكان من الثقات.
وفيها أحمد بن يعقوب المثنى القاضي، أحد من قام في خلع المقتدر تدينا، ذبح صبراً.
وفيها خلف بن عمرو العكبري، محتشم نبيل تقة، روى عن الحميدي، وسعيد بن منصور. وفيها أبو حصين الوادعي القاضي محمد بن الحسين بن حبيب، في رمضان، صنف المسند، وكان من حفاظ، الكوفة، روى عن أحمد بن يونس وأقرانه.
وفيها محمد بن داود بن الجراح الكاتب. أبو عبد الله الأخباري العلامة، صاحب المصنفات، وكان أوحد زمانه في معرفة أيام الناس، أخذ عن عمر بن شبة وغيرها. وقتل كما مر في فتنة ابن المعتز، صاحب الأدب والشعر. وكذلك فاتك المعتضدي. في كثير من أمراء الوقت.

.سنة سبع وتسعون ومئتين:

فيها توفي عبيد بن غنام بن حفص بن غياث الكوفي أبو محمد، راوية الكتب عن أبي بكر بن أبي شيبة، وكان محدثا صدوقا، روى أيضاً عن جبارة بن المغلس، وهو صدوق.
وفيها محمد بن أحمد بن أبي خيثمة. زهير بن حرب أبو عبد الله، الحافظ ابن الحافظ ابن الحافظ.
قال أحمد بن حنبل وما رأيت أحفظ من أربعة أحدهم محمد بن أحمد بن أبي خيثمة. وكان أبوه يستعين به في تصنيف التاريخ، سمع أبا حفص الفلاس وطبقته، ومات في عشر السبعين. وفيها عمرو بن عثمان. أبو عبد الله المكي الزاهد. شيخ الصوفية وصاحب التصانيف في الطريق، صحب أبا سعيد الخراز والجنيد، وروى الكثير عن يونس بن الأعلى وجماعة.
وفيها محمد بن داود بن علي الظاهري، الفقيه أبو بكر، أحد أذكياء زمانه. وصاحب كتاب االزهرة تصدر للاشتغال والفتوى ببغداد بعد أبيه. وكان يناظر أبا العباس بن سريج، وله شعر رائق، وهو ممن قتله الهوى، وله نيف وأربعون سنة.
وفيها مطين. وهو الحافظ أبو جعفر محمد بن عبد الله بن سليمان الحضرمي الكوفي، في ربيع الآخر بالكوفة، وله خمس وتسعون سنة،
ودخل على أبي نعيم، وروى عن أحمد بن يونس وطبقته.
قال الدراقطني: ثقة. جبل.
وفيها محمد بن عثمان بن أبي شيبة. الحافظ ابن الحافظ أبو جعفر العبسي الكوفي نزيل بغداد في جمادى الأولى. وهو في عشر التسعين. روى عن أبيه وعمه وأحمد بن يونس وخلق، وله تاريخ كبير، وثقه صالح جزرة. وضعفه الجمهور.
وأما ابن عدي فقال: لم أر له حديثاً منكراً فأذكره.
وفيها موسى بن إسحاق بن موسى الأنصاري الخطمي، القاضي أبو بكر الفقيه الشافعي، بالأهواز، وله سبع وثمانون سنة، ولي قضاء نيسابور، وقضاء الأهواز، وحدث بن أحمد بن يونس وطائفة. وهو آخر من حدث عن قالون صاحب نافع القارىء، وكان يضرب به المثل في ورعه وصيانته في القضاء. وثقه ابن أبي حاتم.
وفيها يوسف بن يعقوب القاضي أبو محمد الأزدي. ابن عم إسماعيل القاضي، ولي قضاة البصرة وواسط، ثم ولي قضاء الجانب الشرقي، وولد سنة ثمان ومئتين، وسمع في صغره بن مسلم بن إبراهيم، وسليمان بن حرب وطبقتهما، وصنف السنن، وكان حافظاً ديناً عفيفاً مهيباً.

.سنة ثمان وتسعين ومئتين:

فيها ولي الحسين بن حمدان ديار بكر وربيعة.
وفيها خرج على عبيد الله المهتدي. داعياه: أبو عبد الله الشيعي، وأخوه أبو العباس وجرت لهما معه وقعة هائلة في جمادى الآخرة، فقتل الداعيان الأعيان وأعيان جندهما، وصفا الوقت لعبيد الله. فعصي عليه أهل طرابلس. فجهز لحربهم ولده القائم أبا القاسم، فأخذها بالسيف في سنة ثلثلمائة.
وفيها توفي أبو أحمد، أحمد بن محمد بن مسروق الطوسي الزاهد ببغداد في صفر. وكان من سادة الصوفية ومحدثيهم، روىعن علي بن الجعد وعلي المديني، وجمع وصنف.
وفيها قاضي الأنبار وخطيبها البليغ المصقع، أبو محمد بهلول ابن إسحاق بن بهلول بن حسان التنوخي. وكان ثقة صاحب حديث، سمع بالحجاز. سعيد بن منصور، وإسماعيل بن أبي أويس. وفيها الزاهد القطب، شيخ العصر، أبو القاسم الجنيد بن محمد القواريري، ببغداد، وقيل في سنة سبع وقيل في سنة تسع صحب السري السقطي، والحارث المحاسبي. وتفقه على أبي ثور، وله المقامات والكرامات، والكلام النافع في الصدق والمعاملات، رحمه الله، ومات في عشر الثمانين.
وفيها العلامة أبو يحيى زكريا بن يحيى النيسابوري المزكي، شيخ الحنيفة. وصاحب التصانيف بنيسابور في ربيع الآخر وقد ناهز الثمانين روى عن إسحاق بن راهويه وجماعة، وكان ذا عبادة وتقى.
وفيها الزاهد الكبير، أبو عثمان الحيري، سعيد بن إسماعيل. شيخ نيسابور وواعظها وكبير الصوفية بها في ربيع الآخر وله ثمان وستون سنة صحب العارف أبا حفص النيسابوري. وسمع بالعراق من حميد بن الربيع. وكان كبير الشأن محارب الدعوة.
وفيها فقيه قرطبة ومسند الأندلس، أبو مروان عبيد الله بن الإمام يحيى بن يحيى الليثي في عاشر رمضان، وكان ذا حرمة عظيمة وجلالة. روى عن والده الموطأ، وحمل عنه بشر كثير. وفيها محمد بن يحيى بن سليمان، أبو بكر المروزي في شوال ببغداد،روى عن عاصم بن علي وأبي عبيد.
وفيها محمد بن طاهر بن عبد الله بن طاهر بن الحسين الخزاعي، أبو العباس الأمير ببغداد. ودفن عند عمه محمد بن عبد الله، سمع من إسحاق بن راهويه وغيره. وولي إمرة خراسان بعد والده، سنة ثمان وأربعين وهو شاب، ثم خرج عليه يعقوب الصفار وحاربه، وأسره يعقوب في سنة تسع وخمسين، ثم وخلص من أسره سنة اثنتين وستين، ثم بقي خاملا إلى أن مات.

.سنة تسع وتسعين ومئتين:

فيها قبض المقتدر على الوزير ابن الفرات، ونهبت دوره، ووقع النهب والخبطة في بغداد. وفيها توفي شيخ نيسابور، أبو عمرو الخفاف. أحمد بن نصر الزاهد الحافظ سمع إسحاق بن راهويه وجماعة.
قال الضبعي: كنا نقول إنه يفي بمذاكرة ثلاثمائة ألف حديث.
وقال ابن خزيمة: يوم وفاته لم يكن بخراسان أحفظ للحديث منه.
وقال يحيى العنبري: لما كبر أبو عمرو، ويئس من الولد. تصدق بأموال يقال إن قيمتها خمسون ألف دينار.
وفيها الحافظ أبو الحسين محمد بن حامد بن السري خال ولد السري المروزي، حدث عن أبي حفص الفلاس وطبقته.
وفيها أبو الحسن محمد بن أحمد بن كيسان البغدادي النحوي، صاحب التصانيف في القراءات والغريب والنحو، وكان أبو بكر بن مجاهد يعظمه ويطريه ويقول وهو أنحى من الشيخين يعني ثعلباً والمبرد توفي في ذي القعدة.
وفيها محمد بن يزيد بن محمد بن عبد الصمد المحدث أبو الحسن، روى عن صفوان بن صالح وطبقته، وكان صدوقا، وقع لنا جزء من حديثه.

.سنة ثلاثمائة:

فيها توفي صاحب الأندلس أبو محمد عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن الحكم بن هشام بن عبد الرحمن بن معاوية الأموي المرواني، في ربيع الآخر، وكانت دولته خمسا وعشرين سنة، ولي بعد أخيه المنذر في سنة خمس وسبعين، وكان ذا صلاح وعبادة وعدل وجهاد، يلتزم الصلوات في الجامع، وله غزوات كبار، أشهرها غزوة ابن حفصون، وكان أبن حفصون قد نازل حصن بلي في ثلاثين ألفا، فخرح عبد الله من قرطبة، في أربعة عشر ألفا، فالتقيا، فانكسر ابن حفصون، وتبعه عبد الله يأسر ويقتل، حتى لم ينج منهم أحد، وكان ابن حفصون من الخوارج، وولي الأندلس بعده حفيده، الناصر لدين الله عبد الرحمن بن محمد بن عبد الرحمن فبقي في الإمرة خمسين عاماً.
وفيها أبو الحسن علي بن سعيد العسكري الحافظ، أحد أركان الحديث، روى عن محمد بن بشار وطبقته وتوفي بخراسان.
وفيها محمد بن أحمد بن جعفر الوكيعي الكوفي أبو العلاء الذهلي بمصر، عن ست وتسعين سنة، روى عن علي بن المديني وجماعة، وثقه ابن يونس.
وفيها محمد بن الحسن بن سماعة الحضرمي الكوفي. في جمادى الأولى. ومحمد بن جعفر القتات الكوفي أبو عمرو، في جمادى الأولى أيضاً، رويا كلاهما على ضعف فيهما عن أبي نعيم.
وفيها محمد بن جعفر الربعي البغدادي أبو بكر المعروف بابن الإمام. في آخر السنة بدمياط، وهو في عشر المائة روى عن إسماعيل ابن أبي أويس، وأحمد بن يونس.
وفيها أبو الحسن مسرد بن قطن النيسابوري. روى عن جده لأمه. بشر بن الحكم وطبقته بخراسان والعراق. قال الحاكم: كان مزني عصره، والمقدم في الزهد والورع.
وفي حدود الثلاثمائة، أحمد بن يحيى الريوندي الملحد لعنه الله. ببغداد. وكان يلازم الرفضة. والزنادقة. قال ابن الجوزي: كنت أسمع عنه بالعظائم، حتى رأيت في كتبه ما لم يخطر على قلب أن يقوله عاقل فمن كتبه: كتاب نعت الحكمة. وكتاب قضيب الذهب وكتاب الزمردة.
وقال ابن عقيل: عجبي كيف لم يقتل، وقد صنف الدامغ يدمغ به القرآن، والزمردة يزري به على النبوات.

.سنة إحدى وثلاثمئة:

فيها أدخل الحلاج بغداد مشهوراً على جمل. وعلق مصلوباً، ونودي عليه هذا أحد دعاة القرامطة فاعرفوه. ثم حبس وظهر أنه ادعى الإلهية. وصرح بحلول اللاهوت في الناسوت، وكانت مكاتباته تنبىء بذلك في وبعضها من النور الشعشعاني، فاستمال أهل الحبس بإظهار السنة فصاروا يتبركون به.
وفيها قتل أبو سعيد الجنابي القرمطي صاحب هجر، قتله خادم له صقلبي، راوده في الحمام، ثم خرج فاستدعى رئيساً من خواص الجنابي وقال السيد يطلبك، فلما دخل قتله، ثم دعى آخر كذلك حتى قتل أربعة، ثم صاح النساء، وتكاثروا على الخادم فقتلوه. وكان هذا الملحد قد تمكن وهزم الجيوش، ثم هادنه الخليفة واسمه الحسن بن بهرام الجنابي.
وفيها سار عبيد الله المهدي المتغلب على المغرب، في أربعين ألفاً، ليأخذ مصر، حتى بقي بينه وبين مصر أيام، فانفجرت مخاضة النيل، فحال إلماء بينهم وبين مصر، ثم جرت بينهم وبين جيش المقتدر حروب، فرجع المهدي إلى برقة، بعد أن ملك الاسكندرية والفيوم.
وفيها توفي أبو نصر أحمد بن الأمير إسماعيل يهرب بن أحمد الساماني.
صاحب ما وراء النهر، قتله غلمانه، وتملك بعده ابنه نصر.
وفيها أبو بكر أحمد بن محمد بن عبد العزيز بن الجعد البغدادي الوشاء، الذي روى الموطأ عن سويد.
والحافظ أبو بكر أحمد بن هارون البردعي البرديجي، ببغداد، روى عن أبي سعيد الأشج وطبقته، وطوف وصنف.
وإبراهيم بن يوسف الهسنجاني، أبو إسحاق الحافظ بالري، روى عن طالوت بن عباد، وهشام بن عمار وطبقتهما.
وبكر بن أحمد بن مقبل البصري الحافظ، روى عن عبد الله بن معاوية الجمحي وطبقته. وفيها جعفر بن محمد بن الحسن بن المستفاض، الحافظ العلامة أبو بكر الفريابي، صاحب التصانيف، رحل من بلاد الترك إلى مصر، وعاش أربعاً وتسعين سنة. وولي قضاء الدينور، وكان من أوعية العلم. روى علي ابن المديني، وأبي جعفر النفيلي وطبقتهما، وأول سماعه سنة أربع وعشرين ومئتين.
قال ابن عدي: كنا نحضر مجلسه، وفيه عشرة آلاف أو أكثر.
وفيها الحسين بن إدريس الحافظ أبو علي الأنصاري الهروي رحل وطوف وصنف. وروى عن سعيد بن منصور، وسويد بن سعيد وخلق وثقه الدراقطني.
وفيها الحافظ أبو محمد عبد الله بن محمد بن ناجية البربري الأصل البغدادي، أحد الأثبات المصنفين، سمع أبا بكر بن أبي شيبة وطبقته.
وفيها المحدث المعمر، محمد بن حبان بن الازهر أبو بكر الباهلي البصري القطان، نزيل بغداد، روى عن أبي عاصم النبيل، وعمرو بن مرزوق وهو ضعيف.
وفيها الحافظ أبو جعفر محمد بن العباس بن الأخرم الأصبهاني الفقيه، روى عن أبي كريب وخلق.
وفيها محمد بن عبد الرحمن السامي الهروي الحافظ. في ذي القعدة. طوف وروى عن أحمد بن يونس، وأحمد بن حنبل والكبار.
وفيها محمد بن يحيى بن مندة الحافظ أبو عبد الله العبدي الأصبهاني، جد الحافظ الكبير، محمد بن إسحاق بن مندة، روى عن لوين وأبي كريب وخلق.
قال أبو الشيخ: كان أستاذ شيوخنا وإمامهم، وقيل إنه كان يجاري أحمد ابن الفرات الرازي وينازعه.
وفيها الأمير علي بن أحمد الراسبي، أمير جنديسابور والسوس وخلف ألف فرس، وألف ألف دينار، ونحو ذلك.

.سنة اثنتين وثلاثمئة:

فيها عاد المهدي ونائبه حباسة إلى الإسكندرية. فتمت وقعة كبيرة، قتل فيها حباسة فرد المهدي إلى القيروان.
وفيها صادر المقتدر أبا عبد الله الحسين بن الحصاص الجوهري وسجنه، وأخذ من الأموال ما قيمته أربعة آلاف ألف دينار.
وأما أبو الفرج بن الجوزي فقال: أخذوا منه ما مقداره: ستة عشر ألف ألف دينار، عينا وورقاً وقماشاً وخيلاً. قيل كانت عنده ودائع عظيمة، لزوجة المعتضد قطر الندى بنت خمارويه. وقال بعض الناس رأيت سبائك الذهب تقبن بالقبان، بن يدي ابن الجصاص.
وفيها أخذت القرمطي الركب العراقي، وتمزق الوفد في البرية. وأسروا من النساء مئتين وثمانين امرأة.
وفيها توفي العلامة فقيه المغرب، أبو عثمان بن الحداد الافريقي المالكي، سعيد بن محمد بن صبيح، وله ثلاث وثمانون سنة، أخذ عن سحنون وغيره، وبرع في الكلم العربية والنظر، ومال إلى مذهب الشافعي، وأخذ يسمى المدونة المدودة، فهجره المالكية، ثم أحبوه لما قام علي أبي عبد الله الشيعي وناظره ونصر السنة.
وفيها إبراهيم بن شريك الأسدي الكوفي، صاحب أحمد بن يونس، ببغداد.
وحمزة بن محمد بن عيسى الكاتب، صاحب نعيم بن حماد ببغداد.
وإبراهيم بن محمد بن الحسن بن متويه، العلامة أبو إسحاق الأصبهاني إمام جامع أصبهان، وأحد العباد والحفاظ، سمع محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب، ومحمد بن هاشم البعلبكي وطبقتهما.
ومحمد بن زنجويه القشيري النيسابوري، صاحب إسحاق بن راهويه.
والقاضي أبو زرعة محمد بن عثمان الثقفي مولاهم، قاضي دمشق بعد قضاء مصر، وكان جده يهودياً فأسلم.

.سنة ثلاث وثلاثمئة:

فيها عسكر الحسين بن حمدان، والتقى هو ورائق، فهزم رائقاً، فسار لحربه وتمت لهما خطوب، ثم أخذ مؤنس يستميل أمراء الحسين، فتسرعوا إليه، ثم قاتل الحسين فأسره واستباح أمواله، وأدخل بغداد على جمل هو وأعوانه، ثم قبض على أخيه أبي الهيجا عبد الله بن حمدان وأقاربه.
وفيها توفي الإمام أحد الأعلام، صاحب المصنفات، أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب بن علي، النسائي في ثالث عشر صفر، وله ثمان وثمانون سنة. سمع قتيبة إسحاق وطبقتهما، بخراسان والحجاز والشام والعراق ومصر والجزيرة. وكان رئيساً نبيلاً حسن البزة، كبير القدر، له أربع زوجات يقسم لهن، ولا يخلو من سرية، لنهمته في التمتع، ومع ذلك فكان يصوم صوم داود ويتهجد.
قال ابن المظفر الحافظ: سمعتهم بمصر يصفون اجتهاد النسائي في العبادة بالليل والنهار وأنه خرج إلى الغزاة مع أمير مصر فوصف من شهامته وإقامته السنن في فداء المسلمين واحترازه عن مجالس الأمير.
وقال الدارقطني: خرج حاجا، فامتحن بدمشق، فأدرك الشهادة فقال. احملوني إلى مكة فحمل، وتوفي بها في شعبان. قال: وكان أفقه مشايخ مصر في عصره وأعلمهم بالحديث.
وفيها الحافظ الكبير، أبو العباس الحسن بن سفيان الشيباني النسوي صاحب المسند، تفقه على أبي ثور، وكان يفتي بمذهبه.
وسمع من أحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، والكبار، وكان ثقة حجة، واسع الرحلة.
قال الحاكم: كان محدث خراسان في عصره، مقدماً في التثبت والكثرة والفهم والأدب والفقه، توفي في رمضان.
وفيها أبو علي الجبائي محمد بن عبد الوهاب البصري شيخ المعتزلة، وأبو شيخ المعتزلة: أبي هاشم.
وفيها أحمد بن الحسين بن إسحاق، أبو الحسن البغدادي المعروف بالصوفي الصغير. روى عن إبراهيم الترجماني وجماعة.
وفيها أبو جعفر أحمد بن فرح البغدادي المقري الضرير صاحب أبي عمرو الدوري، تصدر للإقراء مدة طويلة، روى الحديث عن ابن المديني.
وفيها إسحاق بن إبراهيم النيسابوري البشتي، روى عن قتيبة وخلق.
وفيها إبراهيم بن إسحاق النيسابوري الأنماطي الحافظ، صاحب التفسير، روى عن إسحاق بن راهويه وخلق.
وفيها جعفر بن أحمد بن نصر، الحافظ أبو محمد النيسابوري المعروف بالحصيري، سمع إسحاق بن راهويه. وكان حافظاً عابداً.
وفيها عبد الله بن محمد بن يونس السمناني أبو الحسين، أحد الثقات الرحالة، سمع إسحاق، وعيسى بن زغبة وطبقتهما.
وفيها عمرو بن أيوب السقطي ببغداد، روى عن بشر بن الوليد وطبقته.
وفيها محمد بن العباس بن الدرفس، أبو عبد الرحمن الغساني الدمشقي، الرجل الصالح. روى عن هشام بن عمار وعدة.
وفيها أبو عبد الرحمن محمد بن المنذر الهروي الحافظ، شكر، طوف وجمع، وروى عن محمد بن رافع وطبقته.